نعلم جميعاً أن من أهم القضايا المطروحة على طاولة الحوار الوطني قضية صعدة، التي يختزلها البعض في جماعة واحدة ويقولون قضية الحوثي "أنصار الله".
وقبول الجماعة بالدخول في الحوار الوطني منذ وقت مبكر اختصر على القيادة السياسية اليمنية وكذا الدول الراعية للمبادرة الخليجية جهداً ووقتاً كبيرين استثمرتها في التركيز على القضية الجنوبية وإقناع ممثليها بالدخول في حوار وطني شامل.
هناك قوى سياسية ليس من مصلحتها استمرار العملية السياسية القائمة، ولا سيما الحوار الوطني الاستحقاق الذي نتجرع إفرازاته الهزيلة كل يوم ولا نكاد نسيغها؛ لأن تلك القوى في ظل دوران العملية السياسية تفقد سيطرتها على الأرض يوماً بعد آخر، لذا تحاول عرقلتها بكل ما أوتيت من حيل، وهذا ما تكشف مؤخراً. وإفشال الحوار الوطني يعني التنصل عما اتفق عليه وبالتالي العودة إلى المربع الأول.
هذه المرة كان استهداف أحد جماعة الحوثي المشارك في الحوار الوطني وجهة تلك القوى التي وصفها وزير النقل بــ"قوى رسائل الموت" في ثالث جلسات الحوار، حيث الأجواء ما تزال مشحونة يستطيع المتابع ملاحظتها من خلال كلمات تكوينات سياسية لا زالت أسيرة الماضي، وفقدان انضباطية جلسات الحوار، وعدم انتظام أعضائه.
هذا الاستهداف الذي لم يحقق هدفه –نجا العضو من محاولة الاغتيال- الذي كان يهدف إلى الدفع بالحوثيين إلى الانسحاب من الحوار والعملية السياسية برمتها التي لم يوقع عليها أصلاً.. وبحجة استهداف عناصر الجماعة والتي نجدها مقنعة، بل ستكسب الجماعة أيضاً تعاطف فئات كبيرة من المجتمع وتأييدها للقرار.
وما تعليق أعضاء الجماعة حضور الجلسات لمدة 24 ساعة إلاّ رسالة يجب أن تأخذها القيادة السياسية على محمل الجد والإسراع في تلافي حدوث ذلك مجدداً لأعضاء الجماعة أو بقية الأعضاء من مختلف التكوينات السياسية، وتفويت الفرصة على "قوى رسائل الموت" التي تتربص للإجهاز على العملية السياسية برمتها متى ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
إن تدارك مسببات فشل الحوار الوطني سيمكن القيادة السياسية من تسيير الاستحقاقات حسب الخطة المرسومة، وبالتالي لن تكون أي من أقطاب العملية السياسية خارجة عن السيطرة وستمنع القيادة أيضاً مبررات ظهور أجندات خارجية تحاول العبث كلما أتحنا لها الفرصة.
المخاض عسير، والمهمة تاريخية، وتدارك الوضع خير من البكاء على اللبن المسكوب.