لا تثق بكلِّ استشرافٍ للمستقبل في اليمن، ولا تبنِ عليه شيئاً، لأن الحاضر الذي نعيشه كان مستقبلاً قُرئ بشكل خاطئ تماماً، استعرض كلَّ ما قيل في الماضي ثم اعرضه على كلِّ ما يجري اليوم لتتأكد أننا بلدٌ خارج كل التوقعات.
في هذه الحالة ينبغي ألَّا يكون هناك فرقٌ بين رجل النخبة والرجل العادي، وفي غير هذه الحالة أيضاً، أو في كلِّ حالة حينما يتعلق الأمر باليمن وماضيه وحاضره ومستقبله.
فقط، انتظر ما سيأتي وابنِ عليه، وإياك ثم إياك ثم إياك ثم أبوك أن تبني شيئاً على أية قراءة لأيِّ خبير أو محلِّل سياسي، أو تغترَّ بأيِّ توقع، خصوصاً ذاك الذي يأتي في قالبٍ كتابيٍّ جميل.. تأكد أن لا علاقة للمستقبل بروعة الكاتب أو بذوق القارئ.
سيكون القادم على خلاف كلِّ التوقعات بكلِّ تأكيد، وحتى على خلاف كلِّ ما اتُّفق عليه بين كلِّ المختلفين والمتفقين، كما كان الحاضر، لأن التوقعات تلك بُنيت على أشباهِ حقائقَ أو على أشياء غير حقيقية، والمشكلة أن الحقائقَ لا تتضح، في الغالب، إلا حينما لا يكون لاتضاحها أية فائدة.. أحياناً يصل اليقين ذروته لكنَّ مستجداً تافهاً يحيله شكَّاً مضحكاً.
في اليمن، الأحداث تصنع المستقبل، لا السياسات، وأغلبها يأتي دون سابق تخطيط.. والوضع هنا ليس عملية حسـابية: 1+1=2، إنه مفاجآت ونتائج، وأحياناً نتائج لا نعرف مقدماتها: اندلاع حروب، توقفها، ارتفاع الدولار، انخفاضه، القضاء على القاعدة، عودتها، تبادل تقليد الدروع بين قادة عسكريين صينيين ويمنيين لم تكن بينهم أية شراكة عسكرية من أي نوع... إلخ.. إلخ.