حي مذبح بدأ ببناء عشوائي، وتمدد طولاً وعرضاً، وصار من أكبر أحياء العاصمة، ولا يزال يتوسع بالطريقة نفسها.. العشوائية.. وأمام عيون الحكومة.. مخالفات وقوانين العمران والبيئة في مذبح هي الأصل، والقانوني هو الاستثناء والمستنكر. شوارعها من ذوات الأمتار التي لا تسمح بمرور حمارين محملين.. شارع 2 وشارع 3 وشارع 4 وشارع 5، وأوسعها شارع 10.. كان مخطط فيها شارع اسمه شارع 40 فلم يبق منه إلاّ القليل بفضل حمران العيون وغياب الحكومة.
سكان مذبح ذبحوا حيهم بالفوضى والمجاري الطافحة، وسدوا شوارعهم بالبيوت والعمارات، وكل ذلك تم بنظر الحكومات التي تعاقبت إلى اليوم، بل أنه في الماضي كانت البيوت العشوائية تنشأ ليلاً، أما اليوم فكل المخالفات تتم في أوقات الدوام الرسمي.. ما يجري في مذبح أشد إيلاماً للمرء من الذبحة الصدرية، والطعن بالسكين.. في مذبح لا توجد حتى الآن شبكة صرف صحي سوى في الأجواء المحيطة بالشارع الرئيسي المؤدي إلى وادي ظهر، كذلك الأمر بالنسبة للكهرباء والمياه والهاتف.
ليت أمين العاصمة يغلط مرة ويذهب إلى حي مذبح يتوغل في حاراته، وسيرى.. سيرى معظم البيوت ليس لها بيارات، بل أنابيب تخرج من المطابخ والحمامات وتقذف قاذوراتها إلى الأزقة، والبيوت والعمارات التي حفر لها أصحابها بيارات تطفح بما فيها سيولاً عابرة للأزقة والشوارع.
وسيرى شبكة الكهرباء.. بل سيكتشف أن معظم البيوت والمحلات لا يدفع أصحابها قيمة استهلاك كهرباء، لسبب بسيط هو أنه ليس فيها عدادات كهرباء، فالمسألة الكهربائية تتم على النحو التالي: يمد أحدهم سلكاً من العمود في الشارع الرئيسي ويزود بيته أو عمارته بالكهرباء، ومن بيته يمد الجار القريب سلكاً إلى بيته، وهكذا من بيت إلى بيت، حتى أبعد بيت.. لا يقوم المواطنون بذلك لأنهم غير صالحين، أو لأنهم فرحين بالبلاش، بل لأن شبكة الكهرباء غير موجودة.
وزارة الكهرباء غير موجودة في مذبح.. يقول المواطنون: نستهلك كهرباء بالمجان، ولكننا متعبون من هذه الأسلاك التي تتلوى وتتقاطع، وصارت كشبكة العنكبوت، يوم تنقطع من هنا ويوم يحدث التماس هناك.. فلتأتي الحكومة تنصب أعمدة كهرباء وتمد الشبكة إلى كل بيت وتركب عدادات، وتكسب.
نتمنى أن يقوم أمين العاصمة بتلك الزيارة، ليرى أي بيئة يعيش الأطفال وطلاب المدارس، وسائر سكان مذبح، وأعتقد أنه سوف يسارع إلى افتدائهم على عجل بشبكة مجاري على الأقل.