في أيام ثورتهم كان أشياخ الثورة والأحزاب الثورية وصحفيو الثورة وإعلاميو الثورة ومفتو الثورة يقولون إن قضية صعدة عادلة، أما اليوم وبعد الثورة فيقولون عنها: هي مسألة مذهبية.. حتى مطار صعدة كان تمام لأن علي محسن شارك في افتتاح المرحلة الأول منه، واليوم هم ضد إعادة تأهيل هذا المطار بالذات لأنه لو صار جاهزا ستهبط عليه فورا طائرات إيران المحملة بالأسلحة والأجهزة العسكرية المتطورة!
قالوا إنهم ثاروا من أجل دولة مدنية حديثة، واليوم يقولون نعوذ بالله منها، الدولة المدنية علمانية كافرة، وقالوا إنهم ثاروا من أجل ديمقراطية حقيقية، واليوم يقولون الديمقراطية الشوروية.. قالوا خرجنا من أجل تغيير الدستور الاستبدادي المدستر للحكم الفردي، والآن يكافحون من أجل بقاء خيرات هذا الدستور الإسلامي! وزعموا أن البلد لا يصلح لها إلا نظام فيدرالي، واليوم صارت الفيدرالية مؤامرة غربية لتقسيم اليمن وإضعافه، و تقهقروا إلى أيام السلطة المحلية ذات الصلاحيات!
ثاروا على السلطة التي قالوا عنها سلطة تقصي الآخرين، وتقيد حرية الصحافة، وتنتهك استقلالية منظمات المجتمع المدني والنقابات، وتتسول الغرب، وتجوع الشعب برفع الدعم عن المشتقات النفطية (الجرع)، وتغطي عجز الموازنة بأذون الخزانة (المصادر التضخمية).. وبعد الثورة: يمارسون الإقصاء ويسمونه تغييرا، الصحفيون الذين يعتصمون تستدعى لهم قوات عسكرية لضربهم واعتقالهم، ويحرضون الحكومة لإقالة صحفيين من مناصبهم، ويؤيدون إجراءات منع إعلاميين من دخول قناة فضائية يعملون فيها منذ سنين.. منظمات المجتمع المدني والنقابات التي بأيديهم يحركونها في الشوارع بصورة مخزية وغير مسبوقة لتأييد أخطاء الحكومة، وصار تسول الآخرين حقا للحكومة الفقيرة على الحكومات الغنية، ورفع الدعم صار إصلاحات سعرية، وأذون الخزانة التي زادت إصداراتها، صارت ضرورية.
قبل ثورتهم كان التكفير محدودا، وفي ثورتهم وبعد ثورتهم زاد عدد المكفرين، وشمل التكفير طلابا ومدرسين، وكان مقتصرا على الذكور، واليوم أضافوا إليهم الإناث، وبعد أن كان المكفرون أشياخا بلحى طويلة حمراء وسوداء وبيضاء، ومعممين، انضم إليهم عضو البرلمان والأستاذ الجامعي ورئيس النقابة، وبعد أن كانت وظيفة التكفير حكرا على رجال الدين الذكور التحق بالمهنة شيخات مكفرات، وصار التكفير مهنة سهلة..
قبل الثورة كان المكفرون يكفرون الكاتب أو الصحفي أو المدرس بالجامعة، ويمضون في سبيلهم، أما بعد الثورة، يكفرون المسلم، ويزيدوا يحرضوا على ملاحقته قضائيا وتطليق زوجته ونزع الولاية على أولاده وحرمانه من حقه في الملكية الخاصة، ومن الميراث.