اكتشفت مع رضية شمشير أني لست يمنياً.. ولا وجود لشيء اسمه اليمن؟ وما كان هذا الوصف يطلق على هذا البقعة الجنوبية من جزيرة العرب إلا لأنها يمين الكعبة الشريفة؟ ربما أنها أرادت هي الأخرى أن تعمم الوصف العائلي على الشعوب كالسعودية مثلاً الذين يرزحون تحت تبعية عائلة واحدة. وهذه قمة العبودية التي يشهدها التاريخ المعاصر. وتنطلق من هذه العبودية لترسيخ مستوى واحد في المناطق التي تشهد حضارة ضاربة في الجذور. فيسعى أنصار الحراك الجنوبي المدعومين خليجياً إلى نفي أية صلة لهم باليمن أو حاكميتها على مستوى الجزيرة فيما مضى من عقود التاريخ ويتحججون بفذلكة مراوغة لتعريف معنى الحكم ومستوى الجغرافيا التي وصلت إليها. يريدون بذلك تحطيم قلب حضرموت وضمه إلى منظومة الصحراء العاتية بالنفط والثروات.. يشعرون بالأسى كوننا فقراء ذوي تاريخ تليد، ويحاولون تغطية فقرهم الحضاري بثروة النفط وسخرية (الكشخة) ولا يتركون هذا الشعور يعتريهم وحسب.. بل يزايدون ويمنحوننا فرض وصايتهم علينا.. وضرورة أن نكون تابعين بلا دولة ومجرد حظيرة مُلحقة بهم.
قال صديقي الصحفي: لن نعيش ما دامت على أرضنا وحدودنا جارة كبرى كهذه التي تلتهم ثرواتنا وتمنعنا من التصاق الحياة بنا، ما أشبهنا بالمكسيك التي تتنوع ثروة ورجالاً وقوة وتنمية فأصبحت كالصريم بعد نهوض الولايات المتحدة إلى جوارها.. ولن تعيش الأخيرة في حياة الأولى.. ويستطرد صديقي مؤكداً: هذه سنة الغاب يا صديقي.
جاءت رؤية الحراك الجنوبي لجذر القضية الجنوبية مسهبة ومطولة، وتولت رضية شمشير إعلان رؤيتهم ورفع سقفهم من مجرد إعلان حق تقرير المصير إلى نفي مستوى اليمننة التي عشت بها مفاخراً طيلة أعوامي الثكلى فتصدمني هذه الحراكية الطيبة بقول ما لا يجوز وتنفي عني تاريخي لأنها تريد أن تنفصل!! فلتذهبوا إلى الجحيم.. لكن لا تجعلونا أغبياء وتذهبوا بنا إلى حيث يريد الوعي الخليجي أن يصل بنا من نفي لماضينا فتستولي علينا مناطق الوعورة والمحاصصة وننسى يمنيتنا، وكوننا الجين العربي الأصيل لمختلف عرب الوطن العربي وتعود بنا الأصول إلى المنطقة فتتحول مناطقنا لسلطنات كتلك التي شاء لها الخليج أن تكون في الجنوب وتأتي معها بريطانيا لتغذيتها ونفخ سلاطين الكارتون فتنتهي في أحضان الشيوعية التي أسست لأممية الاشتراكية ووحدت كل السلطنات في إطار الحزب وطردتهم إلى جزر نائية واستوت على عرش الجنوب الموحد.
لم أعد أريد من الحراك إلا أن يتعامل بأناقة واحترام لمشاعرنا.. وإن أراد فلينفصل أو يذهب مع الريح إلى حيث يريد أن يذهب.. لقد سئمت من مشاعر المزايدة المتعالية ومن كونهم الشعب المظلوم وما ظلمنا إلا سوياً.. ولكن عليه فقط أن يتحمل المسؤولية التاريخية لقراره المتهور، فهو يعرف أنه لن يستطيع الحفاظ على وحدة الجنوب في غياب كل الإيديولوجيات وتناقضها، ومع ذلك فليُـنكر كل دور لدولة الوحدة ولينكر ما يشاء.. فذلك أمر يهون.. إلا أن يُـنكر أني يمني!!
..وإلى لقاء يتجدد..