أصبح اليمن شبيهاً بمكبِّ النفايات.. فكلُّ ما فَسَدَ في دول الجوار أوفي دول الغرب يتم تجميعه وشحنه إلى اليمن.. فحين تأتي الفيضانات في الدول الأوروبية يستبشر مورِّدو السيارات بأن سوقهم ستزدهر بفضل هذه الكوارث التي تدمِّر السيارات التي لا تجد لها سوقاً سوى اليمن.
المكلَّا سوق مفتوحة لما يأتي من عُمَان وغيرها.. والحديدة كذلك سوق لما يأتي من دول عديدة، فحين تسافر من صنعاء إلى الحديدة تظلُّ مشغولاً بعدِّ السيارات المحمولة على ظهور الشاحنات الكبيرة، وستجد أيضاً سيارات خرجت من الميناء ما زالت قادرة على السير إلى صنعاء، رغم الصدمات الكبيرة في مقدِّمتها أو على جوانبها.
في اليمن حين ينفتح بابٌ من أبواب الاستيراد يصعُب إغلاقه، فالسيارات تتدفَّق كلَّ يوم صوبَ صنعاء إلى حدِّ أن الازدحام، وأصبحت السيارات في الشوارع أكثر من المارَّة.
الآن انفتح سوق التُّك تُك.. وسيقوم التجار بتجميع أكبر كمية من التُّك تُك التي بلغت أحد الأجلين في دول بعيدة لإدخالها إلى صنعاء، وسيتم استيراد جديد أيضاً..
صنعاء مدينة مفتوحة، حسب عنوان رواية محمد عبدالولي، لكنها مفتوحة لمخلَّفات العالم الصناعية والغذائية.. مفتوحة حتى لاستيراد الملاخيخ، مفتوحة لاستيراد الموت والمسدسات التركية، مفتوحة للدسائس والمكائد التي تجد لها أرضا ًخصبة في اليمن، مفتوحة للفتن المذهبية التي تملأ المساجد بالصراعات، مفتوحة للسموم وبودرة القات والأدوية المُهرَّبة والقمح الفاسد، مفتوحة لتهريب الأطفال إلى دول الجوار، مفتوحة لتسلُّل الأفارقة الذين يصلون إلى يد تجار الموت، فيُغرقون منهم ما زاد عن حمولة القارب، والبقية يحتجزونهم في أحواش كبيرة في مدينة حرض وغيرها.. مفتوحة لاستيراد حشرة حفارة الطماطم التي تأتي مجانية مع الطماطم المستورد.
يا حكومتنا الموقَّرة: اِرفقوا باليمن قليلاً وافعلوا شيئاً ذا قيمة لتذكركم الأجيال القادمة بالخير.