بحلول مطلع يونيو القادم ستبلغ الجريمة الكبرى تمام عامها الثاني.. أعني بذلك العملية الإرهابية التي استهدفت رئيس الدولة ومعه أكثر من 500 من قيادات الدولة في مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو 2011.. هذه الجريمة التي كادت تأتي على الدولة كلها وتفجر حرباً أهلية يتم التعامل معها بعد عامين وكأنها لم تحدث.. بل الأسوأ من ذلك أن قاضياً يفترض أن تنظر القضية أمام محكمته يقول إن الذين نفذوا تلك الجريمة يستحقون أوسمة، ووزير العدل يرفض القيام بما يوجبه عليه القانون من إجراءات بشأن هذه القضية، رغم أن النائب العام أصدر مذكرة برفع الحصانة عن بعض المتهمين والمتورطين في هذه الجريمة، بمن فيهم أعضاء في مجلس النواب، ووزارة الداخلية تطلق سراح متهمين على ذمة القضية، واثنان على الأقل مشتبه بتورطهما في الجريمة تم تعيينهما في وظائف جديدة.
مجلس الأمن الدولي اعتبر تلك الجريمة من أعمال الإرهاب، ودانها في قراره رقم 2014، ودانتها قوىً في الداخل وفي أنحاء كثيرة من العالم، بينما الملاحظ أن هناك دلائلَ على أن هذه القضية الخطيرة سوف يتم تمييعها، وإلا ماذا يعني هذا الاستهتار بها وبأرواح الذين قضوا، وحقوق الذين أصبحوا معاقين وعطّلت قدرات كثيرين منهم؟
في العام الماضي كان المؤتمر الشعبي العام ووكلاء الضحايا وأسرهم يطالبون بمحكمة خاصة تنظر في هذه القضية، أي محكمة وطنية، وتم التقدم قليلاً من خلال حملة لجمع مليون توقيع على وثيقة للمطالبة بإنشاء محكمة جنائية دولية، على غرار تلك التي شُكِّلت للنظر في جريمة اغتيال الحريري رئيس وزراء لبنان، وكدنا ننسى هذا الموضوع، لولا أن المحامي المسوري عاد هذا الشهر ليذكرنا به، وليس المهم أن يذكرنا به بل جدية المحامين وجدية المؤتمر الشعبي تجاه القضية.
يبدو هذا الخيار صحيحاً، بل ووحيداً، في ظل تخاذل الحكومة والقضاء الوطنيين.. وينبغي أن يفعَّل هذا الخيار بقوة من خلال المؤتمر الشعبي ومن خلال المحامين اليمنيين والعرب والأجانب الذين تطوعوا للترافع في هذه القضية، وقد قيل إنهم يعدُّون بالمئات، وبعضهم ذوو سمعة عالمية.. والأمر لا يتعلق بمحاكمة فقط بل بإعادة التحقيق والوصول إلى الجناة الحقيقيين.. وما دامت الحكومة في اليمن غير قادرة والقضاء عاجزاً، أو كلاهما متخاذلين، أو في المسألة مساومة ومقايضة، فإن محكمة جنائية دولية خاصة جديرة بالتحقيق المحايد، وجلب المتهمين ومحاكمتهم.