يحتفل العالم كله باليوم العالمي للمتاحف، ومن حقه أن يحتفل لسبب بسيط، وهو أنه – أي العالم – تخطى المتحف، وتجاوز التراث، وترك الموروث خلفه، لكنه بين الوقت والآخر حين يستبد به الحنين إلى ماضيه .. يعود إلى المتحف مثلما يعود الواحد منا إلى قريته أو إلى منزل طفولته .
نحن في اليمن – والحمد لله - لسنا بحاجة لا إلى الاحتفال ولا إلى المتاحف .. نحن متحف عالمي وأكثر المتاحف العالمية قدماً وتنوعاً وثراءً.
جميعنا هنا قطع أثرية، غير أن ما يميزنا عن القطع الأثرية الموجودة في متاحف العالم هو أن القطع الأثرية الموجودة في المتاحف العالمية قطع جامدة، وهي تحتاج دائما إلى صيانة وترميم.. أما نحن فقطع أثرية متحركة ومتنقلة، ولسنا بحاجة إلى صيانة والى ترميم .
اليمن متحف طبيعي يمتد من صنعاء إلى عدن، ومن صعده إلى المهرة.
وفي هذا المتحف الكبير ألف متحف ومتحف .
متحف مدن، متحف أزياء، متحف للحرف والصناعات اليدوية، متحف سلاح، متحف للإرهاب، متحف لصيد الطائرات، متحف لصيد الطيارين والضباط والجنود، متحف لأكثر الجماعات تشدداً و تطرفاً، متحف للأفكار التي لم يعدلها وجود في العالم، متحف للأحزاب التي اندثرت واختفت من عالمنا، متحف للفقر ، متحف للتخلف، متحف للثورات والثارات، متحف للأعراس الدموية، متحف للمشايخ، متحف لمواكبهم التي تدهس وتقتل الأبرياء، متحف للقتلة، متحف لقطاع الطرق وقطاع الكهرباء، متحف للتسول والمتسولين، متحف للقرى المدمرة والمدن المظلمة .. لكن متحفنا هذا – للأسف - هو المتحف الوحيد في العالم المغلق في وجه السياح.