من غير المنطقي أن نجعل من التمرد الذي قاده اللواء علي محسن ببعض ألوية الفرقة معياراً للحكم على وطنية أبناء القوات المسلحة الذين يقدمون أرواحهم دفاعاً عن الوطن، ولا أسرف إن قلت أن من قلة الأدب أن تجلس خلف مكتبك الـمُكيف وتمنح نفسك حق تقييم وطنية أبناء القوات المسلحة الواقفين على الرمال في صحارى الأحقاف الملتهبة، أو الملتحفين عتمة الليل في شتاء ذمار القارس.
ما يحدث اليوم ليس إعادة بناء العقيدة القتالية للجيش اليمني، فذلك لا يتم بقرار فوقي أو إعادة انتشار على خارطة عمليات جديدة.
تتعرض ألوية النخبة في الجيش اليمني لتفكيك ممنهج من خلال تمردات واضطرابات تقوم القيادة العامة ووزارة الدفاع بالتعامل معها من خلال تفكيك الألوية وحلها، ومنح الأفراد إجازات مفتوحة أو نقلهم إلى المناطق التي يرغب الأفراد بالانتقال إليها، أو الاستعانة بمسلحي القبائل وبعض الوحدات الأمنية في مواجهات معها.
مخجل جداً أن تقف الشرطة العسكرية والقبائل في خندق واحد لمواجهة اللواء الثالث مشاه جبلي؛ لأن اللواء منع السلاح في مدينة مأرب ولم يسمح لابن قائد الشرطة العسكرية بالتجول مع المرافقين في سيارة أبيه خلافاً للقانون. والمخجل أكثر أن يُسمى اللواء متمرداً لأنه منع التجول بالسلاح، وبسط الأمن في مدينة مأرب، ويتم حله وتشتيت أفراده على المعسكرات وفي البيوت والمعتقلات، وتخرج الشرطة العسكرية بالزوامل والأهازيج ابتهاجاً بذلك.
نقل اللواء الثالث من أرحب إلى مأرب وحلّه لاحقاً، وما تعرض له اللواء الأول قبله في أبين من تشتيت وتفكيك، وما يدور الآن في اللواء (101) يوحي بأن هناك استهدافاً لما كان يعرف بالحرس الجمهوري، ومعاقبته على الالتزام بشرف القسم وصموده في وجه المليشيات المسلحة والقاعدة.
الحرس الجمهوري ليس حرساً عائلياً كما يقول الإصلاح، وإنما حامياً للشرعية الدستورية أياً كان ممثلها، ولو كان حرساً عائلياً أو ملكاً للرئيس صالح أو ولده، لما حدث تبادل سلمي للسلطة، ولما امتثل للهيكلة ونفذ قرارات الرئيس الجديد.
لست خبيراً عسكرياً، ولكن لا يمكن أن يكون في تدمير الحرس الجمهوري، وضرب أبناء القوات المسلحة ببعضهم خدمة للوطن، أو بناءً لجيش وطني، لو أقسم الخبراء الأردنيون والأمريكيون على ذلك برؤوس أمهاتهم..