الإخواني الكويتي طارق السويدان واحد من المكفرين الذين يتناسلون مثل الدود في هذا الزمن، وقد وجد من يكفِّره ويحكم بردته عن الإسلام لأنه يرى أن حد الردة لا ينبغي تطبيقه.
وعندما حكم سلفيون كبار بردته، راح يسوق حججا لتدعيم موقفه، ومن ذلك قوله إن حديث الرسول "من بدل دينه فاقتلوه" لا يتضمن حكما شرعيا لازما، وإن حكم الردة لم يرد في القرآن، وإنه كان يطبق في بداية الإسلام يوم كان ضعيفا، وإنه يطبق على المرتد المحارب، أما واحد ترك الإسلام ولم يقم بأي أذى فلا حد عليه، وقوى ذلك بقول بعض الأحناف إن حد الردة لا يطبق على المرأة لعلة الضعف، فكما لا يُتوقع من المرأة المرتدة حرب، فكذلك لا يطبق على الرجل المرتد إذا لم يتحول إلى محارب للدولة والمجتمع.
والسويدان لم يتنبه إلى عدة أمور وهو يدافع عن نفسه، فالقول المنسوب للرسول له مناسبة، وهو أن عددا من المسلمين بقوا في مكة ولم يهاجروا إلى المدينة، وفي معركة بدر شاركوا قبائلهم في الحرب ضد المسلمين، وقد حار بعض المسلمين في أمرهم، وسألوا الرسول هل نقتلهم وهم مسلمون، فقال: من بدل دينه فاقتلوه.. فالكلام هنا عن أشخاص محددين وفي واقعة معينة، لا يتضمن حكما لا ملزما ولا غير ملزم.
وعجبت من قول السويدان، إن حكم الردة كان يطبق في بداية الإسلام.. إذ لا توجد واقعة واحدة تثبت هذا القول.. كثير من صحابة الرسول ارتدوا، ولم يُحدّوا، لأن حد الردة لم يكن موجودا أصلا، وإنما قرره فقهاء متأخرون.
عبد الله بن أبي السرح كان واحدا من كتاب الوحي، وارتد عن الإسلام في زمن الرسول، وفي وقت لاحق- زمن عمر أو عثمان- عُيِّن أميرا على إقليم النوبة.
وعبيد الله بن جحش هاجر وزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى الحبشة مع من هاجر إليها من المسلمين، وفي الحبشة تحول عبيدالله إلى النصرانية، وكان يمر بالمسلمين يسخر منهم، ويقول لهم: أفقنا ولا تزالون نياما! وظلت أم حبيبة زوجاً له إلى أن مات.. لم يطلب الرسول من ملك الحبشة الفصل بين الزوجين، ولا طلب تسليم عبيدالله أو معاقبته، رغم أن للرسول نفوذاً على ملك الحبشة الذي قيل إنه أقام في قريش زمنا، ومن المرتدين أيضا قتيلة بنت قيس وأخوها الأشعث وآخرون.