مازالت اليمن تفتح ذراعيها لكل من يلجأ إليها رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة وما تواجهه من مشاكل وأزمات، لكن كل ذلك لم يثنها عن استقبال كافة اللاجئين من البلدان العربية والأجنبية .
في السبعينات من القرن الماضي استقبلت اليمن اللاجئين الفيتناميين الذين هربوا من بلادهم جراء الحرب الفيتنامية، كما استقبلت اليمن أعدادا كبيرة من الفلسطينيين ومنذ مطلع التسعينات تدفق إلى اليمن مئات الآلاف من الصوماليين هرباً من الحرب الأهلية، وبعدها شهدت اليمن وصول أعداد هائلة من العراقيين عقب حربي الخليج الأولى والثانية، والآن تستقبل اليمن آلاف السوريين الفارين من الحرب الأهلية، ومازالت تستقبل اللاجئين من مختلف الجنسيات.
كل هؤلاء جاءوا إلى اليمن واستقبلهم أبناؤها بكل ترحاب وعاشوا كأنهم من أبناء اليمن دون تمييز يعملون في مختلف مجالات العمل ويفتحون المحلات التجارية وغيرها، والمواطن اليمني يقاسمهم لقمة العيش رغم حاجته الشديدة .
عندما أرى اللاجئون من أبناء سوريا الحبيبة أتذكر من يدعي دعمه للمعارضة السورية ويمول الحرب في هذا البلد العربي الشقيق، حيث أنهم لم يكلفوا أنفسهم إقامة مخيمات للسوريين الفارين من الحرب في بلدهم ويقدمون لهم كل الرعاية والدعم على الأقل من باب الإنسانية وأن لا يتركوهم عرضة للتشرد والتنقل من بلد إلى بلد يبحثون عن المسكن والمأكل دون فائدة.
ألا تستحي هذه الدول عندما تترك هؤلاء دون أي مساعدة أو دعم أو رعاية رغم أنها السبب فيما وصلت إليه سوريا وأنهم يدعمون المعارضة بالمال والسلاح، كما أن المعارضة السورية لا يهمها سوى مصالحها الشخصية بحيث أنها تشاهد أبناء بلدها يتنقلون من بلد إلى بلد ويعانون الويلات، لكنهم لم يجرؤوا أن يطلبوا من تلك الدول استضافة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الأهلية في بلدهم رغم أن هذه الدول قادرة على تقديم الشيء الكثير لهؤلاء المساكين.
لكن يظل الشعب اليمني صاحب المبادرات واليمن هو القلب الكبير لكل الناس، فاليمن تنتهج سياسة الباب المفتوح لاستقبال اللاجئين دون تمييز، ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تشهد لليمن بأنها الوحيدة في المنطقة التي تنتهج هذه السياسة، لكن رغم ذلك فإن اليمن لم تستطع تسويق نفسها ولم تحصل على أي مبالغ أو دعم دولي لها مقابل هذه السياسة، فالدعم الذي يقدم للاجئين يأتي عبر مفوضية اللاجئين والمنظمات المانحة مباشرة ولم تدخل خزينة الدولة أي مبالغ نظير هذه الأعباء التي تتحملها اليمن وشعبها الكريم المعطاء .
فهل يمكن للحكومة أن تستفيد من انتهاج سياسة الباب المفتوح وأن تقوم الوزارات والجهات المعنية بوضع استراتيجية لمشاريع وبرامج متعلقة باحتياجات اليمن من المشاريع للاجئين وتقديمها إلى الأمم المتحدة والمنظمات الداعمة لتمويلها وتستفيد اليمن منها لتخفيف الأعباء التي تتحملها الحكومة ويتحملها الشعب اليمني أم أننا سنظل نتفرج وكان الأمر لا يعنينا ونظل نعتمد على طيبة الشعب اليمني وقلبه الكبير.