قررت لجنة الانتخابات تنظيم الاستفتاء على الدستور- الذي لم يتقرر بعد- يوم 15 أكتوبر، وحسب المنجمين فإن هذا اليوم سيكون يوم عيد الأضحى.. وقلت حسب المنجمين، لأن التاريخ الهجري لا يمكن ضبطه بدقه، فلا يستطيع أحد أن يقول لنا مثلا أن آخر يوم من شهر شعبان هذا سيكون يوم كذا، فما بالك بيوم عيد الأضحى الذي لا يزال في علم الغيب، ولن يتقرر إلا برؤية هلال ذي الحجة، بينما في التقويم الميلادي، يمكننا معرفة اليوم الذي سيكون فيه 22 مايو بعد مئة سنة.
سيكون يوم 15 أكتوبر من أيام عيد الأضحى، وسواء أكان يوم العيد أو قبله بيوم أو بعده بيومين، ففي كل الأحوال سيكون الناس في إجازة، فما ضر الإخوة في لجنة الانتخابات لو كلفوا أنفسهم إلقاء نظرة على التقاويم الموجودة أمامهم فوق مكاتبهم، لكي يختاروا اليوم المناسب بدلا من المجازفة التي جعلتهم يستفتوننا في إجازة العيد؟
في لغة العرب يقولون: قررت الناقة، وذلك إذا صبت بولها على أرجلها قرة بعد قرة (دفعة بعد دفعة)، وعندنا تتقرر قرارات مصيرية على طريقة تقرير الناقة، والنتيجة استمرار الأخطاء وصنع مشكلات جديدة، والتمرغ بالوحل، ناهيك عن الإحراج.. سنة كاملة والحكومة تقرر بشأن تخصيص منح المانحين في مشاريع لخلق وظائف للشباب، ولكن دون جدوى، وما يحدث بالضبط هو تمصيص المال العام في الذهاب والإياب، وخنق وظائف، ومخانقة على المواقع القيادية في الجهاز الإداري للدولة.. بل ومخانقة من نوع عجيب.. فهذا وزير الشئون القانونية يقول إن الحكومة قررت مسودة دستور.. إذا، ما الحكمة من مؤتمر الحوار؟
صناع القرار تحولوا إلى طباخي إقصاء واستحواذ وولاءات وتقرير الأقارب بعلم متخذ القرار، ومتخذ القرار يرى نتائج ذلك، ويستمر في كر القرارات بسهولة تكرير حبوب المسبحة.. بينما أدب القرارات يطفح بالحكم من أيام الآداب السلطانية..يا مولاي.. لا تتخذ قرارا وأنت غضبان.. لا تتخذ قرارا قبل دراسته والتفكير في نتائجه.. لا تتخذ قرارا في الوقت غير المناسب.. لا تتخذ قرارين حول مسألة في وقت واحد.. لا تتخذ قرارا تتحيز به إلى جهة.. القرار الذي لا يتخذ في الوقت المناسب لا قيمة له..القرار المناسب لا يتأخر عن وقته ولا يسبقه.. ولا تتخذ قرارا بيوم الاستفتاء قبل أن تنظر في التقويم المعلق على جدار مكتبك.. والحكم في هذا الباب كثيرة على أية حال.