بين العرب وبين الديمقراطية مسافة تكاد تساوي نفس المسافة التي تفصل بين القطط وبين الفئران .
فإذا حدث أن وجد هذا الحزب أو ذاك فرصة سانحة انقض عليها انقضاض القط على الفأر.
وبمعنى آخر،فإن العرب الديمقراطيين يستخدمون الديمقراطية لمرة واحدة فقط.. تماماً مثلما يستخدم البعض منّا الواقي الذكري (الكُندُم).
وبمعنى أوضح، يستخدمونها كما يستخدم اللصوص سلماً للوصول إلى المكان الذي قرروا السطو عليه.
فإذا وصلوا إلى غايتهم وإلى كنزهم ركلوا السلم بإقدامهم ولم يعد يهمهم إن هو انكسر أو تحطم.
ومشكلة العرب مع الديمقراطية هي أنهم يختزلونها في الانتخابات وفي صناديق الاقتراع.
فإذا فاز هذا الحزب أو ذاك اعتقد أن من حقه ليس فقط الانفراد بالسلطة والثروة، وإنما من حقه كذلك أن يقصي الآخرين من وظائفهم، ومن حقه،أن يخوّنهم ويكفّرهم ويزجّ بهم في المعتقلات ويسحلهم في الشوارع .
ولكونهم وصلوا إلىالسلطة عبر الصناديق نجدهم يتباهون بصناديقهم،ويتبجّحون، ويبررون كل ما يقومون به من نهب وقمع وإقصاء.
وكثيرا ما يتناهىإلىالإسماع قولهم:
"نحن وصلنا بالصناديق"
"الصناديق معنا"
"الصناديق تشهد لنا"
"الصناديق بيننا وبينكم"
أولاد الصناديق يجهلون أن معنى ومضمون وجوهر الديمقراطية هو التعايش والقبول بالآخر .