جاء الإسلام ليقول للبشر إن الناس سواسية، وبعد هذا المبدأ الأساسي والثابت جاء ليكفل لكلِّ إنسان حرية الفكر والمـُعتقد.. المهم أن تكون مواطناً صالحاً، والأهم ألَّا تضر أحداً أو تظلم أحداً، أما بشأن العلاقة بينك وبين الله فهناك يومٌ ستقف فيه بين يديه، وهو الذي سيحاسبك، وهو الذي يقرِّر أن يعاقبك أو يعفو عنك.. وفي كلِّ الأحوال فإن عفوه أقرب من عقابه.
هناك من البشر من يريد أن يتصرَّف كما لو أنه إله، ويرى أن له الحق في إهدار دم من يشاء، بدعوى أن هذا الشخص كافر، مستنداً إلى أحاديث ضعيفة لا مجال أن تكون محل اجتهاد في وجود نصوص قرآنية صريحة.. وينسى هذا الذي يجيز لنفسه تكفير الناس أنه بشر وليس إلهاً.. وينسى أيضاً أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام لم يكن يملك هذا الحق.. فقد قال له الله تبارك وتعالى "لستَ عليهم بمسيطر".. والآية واضحة ولا تحتاج إلى أي تأويل.. وقبلها قال له "فذكِّر إنما أنت مذكِّر"..
هذا التذكير هو ما يُلزم الأنبياء به أنفسَهم تجاه الله فقط، أما السيطرة على الناس فلا أحق يملك هذا الحق.. وفي حال وجود أشخاص لم يؤمنوا أو كفروا بعد إيمانهم فيقول عنهم "إلا من تولى وكفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر".. بمعنى أن الله هو الذي يعذبه وليس أنت.
وهناك من النصوص القرآنية ما يغني عن الاستشهاد بسواها، وليت هذا الذي يكفِّر الناس يقرأ القرآن جيداً ليعرف أن الله لم يُلزم أحداً بالإيمان به، ولم يُبح دم أحد كفر به.. فما دام هو الذي سيجمع الناس ليوم تشخص فيه الأبصار فلندع خلق الله على الله، ولنترك استباحة دماء الناس تقرُّباً بها إلى الله، لأن الله هو الذي يهب الحياة، وهو الذي يملك الحق الكامل في أخذها.