لم تكن الرحلة إلى العراق سوى (16) ساعة ترانزيت، وأغانٍ هندية رديئة كي يشعر الهنود بأنهم في نيودلهي، وليس في دبي.
كان بإمكانكَ أن تقفز على الخريطة بـ"نطَّة" واحدة فقط..
كان بإمكانك أن تكون من "أهل الخطوة".. كان بإمكان أمك أن تملأ جيوبكَ بأدعيتها.. كان بإمكانها أن تخبِّئ خوفها في زجاجة كبيرة، كي لا يتناسل بداخل أوعيتها الدموية، أو أن تضع قلبها في حقيبتك كي تطمئن.. كان بإمكانها أن تضعك في يد الله وتنام بقلب بارد..
***
عدتُ حاملاً غُصَّةً كبيرةً، وقبضةً من أثر الرسول..
الطيور توقفت على رأسي مراراً لتبحث عن بعض الخبز..
الوقوفُ في كربلاء مؤلم، أكثر من ذكريات يوسف في البئر..
أسترجعُ مقطعاً من ذلك الفيلم المرعب، فأهرب كي لا تدوسني حوافر الخيول، ثم تعبرُ فوق جسد الحسين فتدخل في بـُعدٍ آخر، وتخرج من الزمان والمكان.. ومن ذمة الله أيضاً.
***
لم يكن يونس أكثر وحشةً من رأس الحسين.. لقد كان رأسُه معه، وكانت تسبيحته الشهيرة أشبه بقنديلٍ يؤثِّثُ به بطنَ الحوت الموحش.. "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"..
أحدهم سمع رأس الحسين وهو يتلو:
"أم حسبتَ أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا"!!
***
ضغطتُ على أرقامٍ عشوائية علَّ هاتفك يرن.. كنتُ أقفُ حينها في كربلاء.. كان بإمكانك أن تذهب إلى الحسين في القاهرة، لنلتقي في ملكوت واحد..
***
بحثتُ عن بعض الريش فوق الطائرة لألقي به من النافذة، ربما خرجت طيورٌ كثيرة من مخيلة الريش..
ها أنا أتسلَّق سُلَّم القصيدة فأنزلقُ كفرخٍ خرج للتوِّ من بيضته، وكأنني لم أقل شيئاً بعد!!