*بقلم: جاسم محمد
انتهجت قطر في العشر السنوات الأخيرة الماضية السياسة الناعمة للتغلب على مشكلة تحديد دورها في المنطقة خليجيا وإقليميا للخروج من عقدة العباءة السعودية، لذا عملت وتعمل جاهدة على انتزاع دورها من خلال الربيع العربي. وتعاني قطر من عقدة جوارها مع السعودية حيث سبق وان اجتاحت القوات السعودية مخفر الخفوس القطري الحدودي عام 1992 واحتضان قوى المعارضة القطرية. وكذلك علاقتها مع دولة الإمارات الشبيهة بالمشكلة السعودية. أما علاقتها مع البحرين فهي معقدة وهنالك خلافات حدودية. لقد لعبت قطر وقناة الجزيرة دورا بارزا بنبش المشاكل والتي تحولت بعد ذلك إلى ثورات ـ سلمية ـ وخاصة في مصر بإزاحة النظام وإبداله بنظام الإخوان المسلمين. وتركز عادة وكالات الأنباء العالمية على أن قطر قد استثمرت نفوذها الاقتصادي والمالي للإطاحة بأنظمة الحكم، ومساندة حركات الإسلام السياسي بالتغيير. مع أن قطر تعتبر من أكثر الدول الخليجية، التي شهدت انقلابات أو محاولات انقلابية فاشلة لعل أبرزها ما نشر في موقع الجمل للدراسات والترجمة حسب التالي: في عام 1972 نظم أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عملية انقلاب لجهة الإطاحة بنظام ابن عمه أحمد بن علي آل ثاني.وفي عام 1995 نظم الأمير الحالي الشيخ حمد بن خليفة انقلاباً استطاع من خلاله الإطاحة بوالده الذي كان في تلك اللحظة يتلقى العلاج في أحد المشافي السويسرية وترى صحيفة "الغارديان" البريطانية أن دولة قطر كان لها دور كبير في ثورات الربيع العربي في سوريا وليبيا.وتحاول قطر منذ ثورات الربيع العربي، أن تضع نفسها في طليعة التحول بالمنطقة، وذلك عن طريق الدعم العسكري للقوى الإسلامية الليبية، ثم تدعيم اللاعبين الأساسيين في البلد الممزق ما بعد الثورة من خلال تكتيكات زعم بعض الدبلوماسيين أنها تضمنت شحنات أسلحة.
إعادة توزيع القوة
هناك مفهوم إعادة توزيع للقوة في المنطقة العربية، حيث أفسحت هذه التغيرات المجال أمام دول عربية أخرى، بخلاف القوى المهيمنة التقليدية، مثل السعودية ومصر، للقيام بأدوار أكثر تأثيرا وفاعلية في الشؤون الإقليمية. وتعد قطر مثالا بارزا في ـ الربيع العربي.
لقد استخدمت قطر أدوات متعددة، معتمدة في ذلك على القوة الناعمة، مستغلة قدراتها الاقتصادية والمالية.
وتتمتع قطر بعلاقات جيدة مع إيران، في الوقت نفسه فهي تحافظ على مستوى عال من العلاقات مع إسرائيل أيضا. وإلى جنب علاقاتها مع الولايات المتحدة فهي تفتح مكاتب لحركة حماس، حيث استطاعت أن تجمع المتضادات.
أما الجمعية التابعة لزوجة أمير قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند، فتعد إحدى المؤسسات التي تعمل في إطار توسيع النفوذ القطري في المنطقة.وحسب مركز يافا للدراسات فإن هذه الجمعية قدمت في الآونة الأخيرة دعما ماليا قدره 196 مليون دولار إلى أكبر مجموعة وهابية مصرية تدعى "أنصار السنة".ويبذل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر جهودا حثيثة للعب دور "شيخ العرب".
واستقبل أمير قطر قبل فترة في الدوحة خالد مشعل ومحمود عباس، لتأكيد ذلك الدور، كما زار غزة قبل الضربة الإسرائيلية الأخيرة في محاولة لإظهار أن قطر تسعى جاهدة لتهميش السعودية في ملف السلطة الفلسطينية وغزة.وتعتبر قطر البوابة الخليجية الأولى التي شهدت هجرة الإخوان المسلمين إلى الخليج خاصة من مصر وفلسطين وسوريا وغيرها من الدول ضمن باب العمالة الأجنبية.
أما علاقة قطر مع الإخوان المسلمين وخاصة إخوان الأردن، فهي تعود إلى عام 1999 عندما غادرت قيادات الإخوان بينهم خالد مشعل إلى قطر، لذا يعتبر عام 1999 علامة بارزة في تاريخ الإخوان في المملكة الأردنية وزادت تعقيدا في أعقاب إقامة خالد مشعل في قطر تاركا دمشق بعد تأزم الوضع في سوريا أواخر 2012.وبعد صعود الإخوان المسلمين في مصر 2012، صعد نجم الإخوان في الأردن وأخذوا يحاولون تحقيق مكاسب سياسية بتحريك الشارع الأردني مستغلة الضغوطات الاقتصادية.
ولا يستبعد أن يكون قطع الغاز المصري عن الأردن يرجع إلى ضغوطات إخوانية على المملكة الأردنية باستضافة خالد مشعل في عمان وإطلاق يد الإخوان.وهذا ما أكدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية حين كشفت أن المخاوف الأردنية تزداد حول الأسباب الخفية وراء قطع إمدادات الغاز المصري إلى الأردن، قائلة "إن الأمر ذو دوافع سياسية حيث تهدف الحكومة المصرية الإسلامية إلى دعم وتعزيز الاحتجاجات التي يقودها الإخوان المسلمون في الأردن للضغط على حكومته لإجراء المزيد من الإصلاحات في البلاد ".
سياسة الإصلاح
قطر الداعمة ـ للربيع العربي ـ والتغيير، هي ذاتها تواجه انتقادات انتهاكات حقوق الإنسان خاصة تجاه العمالة الأجنبية.وقال عميد كلية الحقوق في جامعة قطر الدكتور حسن عبد الرحيم السيد، لصحيفة الشرق القطرية، "إن السلطات القطرية فشلت في تأسيس مجلس الشورى ومحكمة دستورية عليا مع أن الدستور القطري ينص على تأسيسهما".ويعزو السيد التأخيرات الحاصلة في هذه المشاريع إلى رغبة العائلة الحاكمة لفرض السيطرة المطلقة على البلاد بالكامل دون مشاركة الحكم مع المؤسسات الدستورية ولا الاحتكام إلى القانون.على الصعيد الداخلي القطري يبدو أن قطر تسعى إلى تكوين حكومة العائلة عبر تحالفات معقدة كتلك الحاصلة نتيجة زواج الأمير حمد من الشيخة موزة من عائلة المسند.
* ميدل إيست أونلاين