كارولين كوين* ترجمة خاصة لـ"اليمن اليوم".. فارس سعيد
تعاني الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية من نكسات شديدة وتشويه سمعتهم. وكانت مؤسسة "مسح الشباب العربي" التي تعد أكبر مؤسسة للاستطلاع في الشرق الأوسط قد أكدت الأربعاء مخاوف المحللين في واشنطن من أن النفوذ الأميركي في المنطقة آخذ في التراجع في حين أن روسيا ازداد نفوذها بشكل كبير. وقد حلت روسيا محل الولايات المتحدة كأهم حليف دولي بحسب عمليات الاستطلاع. ويظهر الاستطلاع أن 21 في المائة من المستجيبين يثقون بروسيا أكثر من أي دولة أخرى، مقابل 9 في المائة فقط في عام 2016. وعلى العكس من ذلك، انخفضت الولايات المتحدة إلى 17 في المائة من 25 في المائة في هذه الفئة. والمملكة العربية السعودية، أيضا، انخفضت في شعبيتها، بسبب حربها المكلفة والمدمرة في اليمن. وفي آخر مسح سنوي أجرته مؤسسة "جيمس زغبي" للرأي العام العربي، ذكرت أن المملكة هي المصدر الرئيس للصراع في اليمن. ومن الجدير بالذكر أيضا أن الولايات المتحدة هي الطرف المسؤول الأكثر تكرارا من بين أولئك الذين اختاروا "تدخل الحكومات الأخرى" كأساس لزعزعة الاستقرار في اليمن. وبطبيعة الحال، فإن دور الولايات المتحدة في حرب اليمن هو السبب الوحيد في انخفاض مكانتها في الشرق الأوسط. ومع ذلك، وكما تشير استطلاعات الرأي، فإن الولايات المتحدة لا تمتلك الحصانة للإفلات من العقاب لدعمها للحملة التي تقودها السعودية في اليمن. ولإنقاذ نفوذها في المنطقة، يجب أن تكون الولايات المتحدة في طليعة الحل السياسي للمعاناة في اليمن. إن إنهاء الصراع بسرعة وبشكل إنساني ليس مفيدا فقط للولايات المتحدة. ولكن على السعودية أن تنهي القتال قريبا. وبالإضافة إلى المساهمة في المعاناة الإنسانية الضخمة، فإن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية يفقدان صورتهما في العلاقات العامة. كلما استمرت الحرب، كلما ألقي اللوم أكثر على المملكة (والبلد الذي يبيعها الأسلحة). تحتاج القيادة السعودية إلى فحص واقعي من الولايات المتحدة، وهو ما يتضح من التصريحات الأخيرة التي أدلى بها محمد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي ونائب ولي العهد. في مقابلة تلفزيونية نادرة، رسم بن سلمان صورة مفرطة في التفاؤل حول الوضع في اليمن، قائلا إن القوات السعودية يمكن أن تجتاح الحوثيين وصالح "في غضون أيام قليلة"، ولكن ذلك سيعرض القوات السعودية والمدنيين للخطر. وقال بن سلمان إن التحالف الذي تقوده السعودية لا يعجل إنهاء الحرب. وأضاف: "إن الوقت يقف إلى جانبنا وسنستغل الوقت لخدمة مصالحنا". إن استراتيجية حرب الاستنزاف هذه تثير الكارثة بالنسبة للمملكة وداعمها، الولايات المتحدة. وقد لقى أكثر من عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين مصرعهم في الحرب. وسوف يموت الآلاف من المجاعة والمرض مع استمرار الحرب. وبالإضافة إلى كونها أزمة إنسانية، فإن الوضع في اليمن مكلف جدا - حرفيا وسياسيا - بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وهنا بعض المزايا التي يمكن أن تستفيد منها الولايات المتحدة والسعودية للعمل معا من أجل حل معقول: 1 -غالبية شباب العالم العربي - حوالي ثلث سكان المنطقة - لم يعودوا يريدون بصمة أمريكية سعودية. وتعهد الرئيس ترامب باستعادة التحالفات التقليدية. وللقيام بذلك، يجب على الإدارة أن تلتزم بالموارد المالية والعسكرية الضرورية للغاية. 2 - كانت إدارة ترامب، ولاسيما صوت وزير السياسة الخارجية الرئيسي جيم ماتيس، صاخب في مواجهة الأعمال الشائنة لإيران في المنطقة. وبالمقارنة مع اقتلاع إيران من العراق وسوريا، فإن اقتلاع إيران من اليمن بسيط ولكن يحتاج لحكمة. 3 - السيد ترامب بحاجة ماسة إلى "الانتصار"، ولاسيما في الدبلوماسية العالمية. وبعد أن تلقى ترامب انتقادا شديدا بسبب تصريحاته حول رجال الشرق الأوسط القويين، أتيحت له الفرصة لإظهار المجتمع الدولي بأن الولايات المتحدة تدعم بناء السلام والديمقراطية. 4 - منذ عام، شرعت المملكة العربية السعودية في مجموعة طموحة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، عن طريق رؤية 2030. ليس فقط الحرب في اليمن تفقد شعبيتها على نحو متزايد بين الجماهير، ولكن الخسائر المالية لا يمكن تحملها. إن على المملكة العربية السعودية استخدام الاستثمار في تنويع اقتصادها أفضل بكثير من تبديد المليارات على حرب مكلفة وبدون فائدة أو انتصار مشرف. ومن المؤكد أن إيجاد حل للحرب اليمنية أسهل من القيام به، ولكن الكرة الآن في ملعب السعوديين. وإذا ما ضغطت المملكة العربية السعودية من أجل وضع حد للحرب، فإن إيران - المهتمة أكثر بسوريا وبعيدة عن اليمن- من المرجح أن ترضخ. هناك خياران يواجهان الولايات المتحدة: مساعدة حلفائها الخليجيين على الخروج من الفوضى والمستنقع اليمني، أو مواصلة تمكين حلفائها على مستوى منخفض. إن عواقب السياسة الأخيرة شديدة وخطيرة بالنسبة لجميع الأطراف المعنية. *كارولين كوين: باحثة ومحررة في مجموعة "إنسايت" الاستشارية، وهي شركة استشارية في واشنطن تركز على العلاقات الأمريكية الخليجية *العنوان الأصلي للمادة "من أجل إنقاذ نفوذها في الشرق الأوسط يجب أن تكون أمريكا في طليعة الحل السياسي للمعاناة في اليمن" *"ذي ناشيونال انترست" صحيفة أمريكية واسعة الانتشار